- فاروقمشرف منتدى الأخبار
- عدد الرسائل : 7766
العمر : 53
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 16819
السٌّمعَة : 53
تاريخ التسجيل : 09/08/2008
جيوش أوطان لا حكام
السبت 24 سبتمبر 2011, 00:50
سقوط القذافي الوشيك هو سقوط لأحد أبشع وجوه استعباد الشعوب. ليس الآخرون، من زال منهم ومن لما يزل، أقل سوءاً منه أو أكثر، فكلهم برع في استبداده، وتفنن في عنجهيته، وطوع حاضر الناس ومستقبلها، وقولبها لتصير أدوات في نظامه.
سقوط من سقط، ومن سيسقط، هو نهاية حقبة سرقة آمال الشعوب وتحويل حرياتها منّة يتفضل بها الحاكم السارق على الشعب المسروق. والمشاهد المتتالية من تونس الى مصر فليبيا واليمن وسوريا تبين أن أحاديث الأنظمة، ما سقط منها، ومن هو على الطريق، عن عزمها على الإصلاح هو أقرب الى كلام "الباب العالي" على هبة أو منحة ينوي إسباغها على رعاياه وفق شروطه، وحتى مزاجه، وليس تجاوباً مع إرادة الشعوب وحقوقها الانسانية الطبيعية.
سقوط من سقط، ومن سيسقط، هو إشعار بنهاية عصر البطل. لم تعد الشعوب في حاجة إلى أنبياء. كان هؤلاء يخرجون من قبيلة واحدة، هي نفسها في كل الكيانات العربية: الجيش. القبيلة التي تملك القوة وتوحي بالتنوع الاجتماعي والطبقي والايماني، وبأنها مؤسسة.
وأغلب هؤلاء "الأنبياء" تسلح بالأولى كي يمسك بالحكم. كان الشعب في موقع المتفرج: اللاعبون السياسيون يتولّون الحكم، إلى أن يشتبكوا فيحضر لاعب أجنبي (عن السياسة) هو الجنرال، أو من يرقّي نفسه الى هذه الرتبة حين يستتب له الحكم.
كان يأتي تحت عنوان الخلاص من فساد الطبقة السياسية، ليؤسس فساداً جديداً، تعتاش منه طبقة الأهل والمحاسيب، وأركان النظام الجديد.
لم يقع أي انقلاب على امتداد العالم العربي من دون تواطؤ من الخارج المهيمن، حتى من كان يوحي بالعداء مع الانقلابيين. ولم يكن المنقلبون على بعض الانقلابيين إلا من العجينة نفسها، ولو كان صوتها أعلى تشدداً، في القومية المزعومة أو الوطنية المنتحلة.
انتهى زمن الانقلابات، بتكثيف القمع المخابراتي الاستباقي، واستتبت الأمور للإنقلابيين في بلدانهم (إلا موريتانيا التي شهدت 15 انقلاباً منذ 1978)، فأرادوا العودة الى الجذور: تأبيد سلطتهم بالإرث، وتطبيق النظام الملكي الذي كانت الانقلابات تجد شرعيتها في كونها نقيضه.
باتت الجيوش في ظل حكم الانقلابات حرساً للديكتاتوريات ويدها الحديد. لكن ما حدث في تونس ومصر، وراهناً ليبيا، والى حد ما اليمن، في انتظار سوريا، ان الجيوش تتحول حارسة للنظام العام. ما يقوم به المجلس العسكري في مصر، تحديداً، هو رسم الحدود بين الثورة الشعبية والفوضى العامة، في ما يقرب دور الجيش التركي "المعدل".
على الجيوش العربية، اليوم، أن تعرف أن عصر الانقلابات والزعيم الأوحد انتهى، وأن الدور الوطني لهذه المؤسسة ليس فقط حماية الحدود، بل أيضاً حماية حرية الشعوب في خياراتها، وأنها ليست أداة الحاكم، بل إرادة الشعوب وطوعها. ذلك وحده يجعلها مؤسسة وطنية فوق الطوائف والأعراق.
راشد فايد
سقوط من سقط، ومن سيسقط، هو نهاية حقبة سرقة آمال الشعوب وتحويل حرياتها منّة يتفضل بها الحاكم السارق على الشعب المسروق. والمشاهد المتتالية من تونس الى مصر فليبيا واليمن وسوريا تبين أن أحاديث الأنظمة، ما سقط منها، ومن هو على الطريق، عن عزمها على الإصلاح هو أقرب الى كلام "الباب العالي" على هبة أو منحة ينوي إسباغها على رعاياه وفق شروطه، وحتى مزاجه، وليس تجاوباً مع إرادة الشعوب وحقوقها الانسانية الطبيعية.
سقوط من سقط، ومن سيسقط، هو إشعار بنهاية عصر البطل. لم تعد الشعوب في حاجة إلى أنبياء. كان هؤلاء يخرجون من قبيلة واحدة، هي نفسها في كل الكيانات العربية: الجيش. القبيلة التي تملك القوة وتوحي بالتنوع الاجتماعي والطبقي والايماني، وبأنها مؤسسة.
وأغلب هؤلاء "الأنبياء" تسلح بالأولى كي يمسك بالحكم. كان الشعب في موقع المتفرج: اللاعبون السياسيون يتولّون الحكم، إلى أن يشتبكوا فيحضر لاعب أجنبي (عن السياسة) هو الجنرال، أو من يرقّي نفسه الى هذه الرتبة حين يستتب له الحكم.
كان يأتي تحت عنوان الخلاص من فساد الطبقة السياسية، ليؤسس فساداً جديداً، تعتاش منه طبقة الأهل والمحاسيب، وأركان النظام الجديد.
لم يقع أي انقلاب على امتداد العالم العربي من دون تواطؤ من الخارج المهيمن، حتى من كان يوحي بالعداء مع الانقلابيين. ولم يكن المنقلبون على بعض الانقلابيين إلا من العجينة نفسها، ولو كان صوتها أعلى تشدداً، في القومية المزعومة أو الوطنية المنتحلة.
انتهى زمن الانقلابات، بتكثيف القمع المخابراتي الاستباقي، واستتبت الأمور للإنقلابيين في بلدانهم (إلا موريتانيا التي شهدت 15 انقلاباً منذ 1978)، فأرادوا العودة الى الجذور: تأبيد سلطتهم بالإرث، وتطبيق النظام الملكي الذي كانت الانقلابات تجد شرعيتها في كونها نقيضه.
باتت الجيوش في ظل حكم الانقلابات حرساً للديكتاتوريات ويدها الحديد. لكن ما حدث في تونس ومصر، وراهناً ليبيا، والى حد ما اليمن، في انتظار سوريا، ان الجيوش تتحول حارسة للنظام العام. ما يقوم به المجلس العسكري في مصر، تحديداً، هو رسم الحدود بين الثورة الشعبية والفوضى العامة، في ما يقرب دور الجيش التركي "المعدل".
على الجيوش العربية، اليوم، أن تعرف أن عصر الانقلابات والزعيم الأوحد انتهى، وأن الدور الوطني لهذه المؤسسة ليس فقط حماية الحدود، بل أيضاً حماية حرية الشعوب في خياراتها، وأنها ليست أداة الحاكم، بل إرادة الشعوب وطوعها. ذلك وحده يجعلها مؤسسة وطنية فوق الطوائف والأعراق.
راشد فايد
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى