الماء الثروة

الماء الثروة المهدرة لماذا ؟؟؟

يُجمع كثير من الخبراء الدوليين على أن الحروب القادمة سوف تكون حروب مياه تقع بسبب التنافس على هذا المصدر الحيوي. إن كثيراً من الحروب السابقة مع فظاعتها كانت لأسباب تافهة، فكيف لنا أن نتصور حروباً تقوم بسبب الماء.. المصدر الأقصى أهمية والأغلى على وجه الأرض. وليس في اعتقادي أن يختلف عاقلان على الأهمية القصوى للمياه مما يوجب علينا تكرار ما قيل سابقاً وما سوف يقال مستقبلاً عن ذلك.

إن أكثر من مليار إنسان يعيشون اليوم في أماكن متفرقة من العالم لا يتوفر لهم الماء النظيف ، وقد أصبحوا بسبب ذلك عرضة لمزيد من الأمراض والمشاكل الصحية . وتقديرات البنك الدولي المستقبلية لعام 2035م تذكر أن هذا العدد مرشح إلى أن يصل إلى ثلاثة مليارات ، سوف يكون معظمهم في الدول النامية. وبالإضافة إلى المشاكل الصحية الخطيرة التي سوف يعاني منها السكان بسبب شح المياه الصالحة للاستخدام، فسوف ينتج عن ذلك أيضاً إعاقة للنمو الاقتصادي لتلك الدول.

إن ما ذكر من مشاكل وأخطار مصاحبة لندرة المياه العذبة يشكل قضية ملحة تحتم على كافة الأمم السعي الحثيث إلى معالجتها قبل أن تستفحل وتؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.

خلال العقد الماضي بدأ العالم يدرك حجم وخطورة مشكلة ندرة المياه العذبة، وذلك بفضل كثير من الجهود والأنشطة الدولية والمبادرات الأممية التي كان منها المنتدى العالمي للمياه (الضخم) الذي عقد في شهر مارس من هذا العام 2006م في المكسيك. ولكن المؤسف أن مثل هذه المنتديات لا تملك سلطة اتخاذ القرار ، لكن على أقل التقدير هي توفر مساحة جيدة للفكر والحوار الذي يعود بفوائد عظيمة منها زيادة الوعي بشأن القضايا المتعلقة بالمياه بين عامة الناس وصناع القرار ، وكذلك توضيح فرص التعاون والاستثمار في مشاريع سوف يكون لها دور إيجابي في سد الفجوة بين الطلب المتنامي والعرض المحدود لهذه السلعة المهمة.

إن حكومة المملكة العربية السعودية قد التفتت إلى أهمية هذا الموضوع منذ وقت مبكر. وقد أنفقت بسخاء على الاستثمارات في البنية الأساسية لتطوير موارد ومرافق المياه، وشمل ذلك المشاريع والخطط، وليس هناك أدل على ذلك من عشرات المليارات التي أنفقت على مشاريع تحلية المياه المالحة القائمة وعشرات أخرى سوف تنفق على إقامة مشاريع التحلية المستقبلية.

وقد صاحب مشاريع تنمية الموارد المائية مشاريعاً لتحسين إدارة تلك الموارد ، وأيضاً خططاً إستراتيجية تشرف على تلك الجهود ، وتحقق القدر الأساسي من الأمان فيما يتصل بموارد المياه . إن الأمثلة على ذلك أكثر من أن يتسع المقام هنا لذكرها. ولعل أحد الأمثلة التي يمكن أن تذكر في هذا المجال (الإستراتيجية الوطنية للصحة والبيئة)، فقد تطرقت في كثير من أسسها الإستراتيجية إلى موضوع المياه من تنمية مصادره والمحافظة على موارده وحمايتها من التدهور إلى توفيره بالكميات الكافية والجودة المطابقة للمواصفات، وأيضاً تشجيع مؤسسات القطاع العام والخاص وتوجيهها إلى الإسهام في المشاريع والصناعات والتقنيات والخدمات للمحافظة على تلك الموارد وتنميتها.

إن أقل الواجبات المتحتمة على كل فرد يعيش في هذا الوطن أن يحافظ على هذه الثروة الغالية النادرة، خصوصاً إذا علم أن ما يدفعه مقابل حصوله عليها لا يتعدى ثلاثة بالمائة من تكلفتها الفعلية. ولا ننسى قول رسولنا الكريم
" لا تسرف ولو كنت على نهر جار".