- علاء الدينمشرف منتدى كورة
- عدد الرسائل : 4847
العمر : 29
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 2776
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 01/06/2008
استقلالية المؤسسات العمومية
الثلاثاء 15 يوليو 2008, 17:57
استقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية
إعادة الهيكلة بنوعيها العضوي والمالي لم يكن له التأثير المرجو، فبقي ضغط المديونية الخارجية والتدهور الكبير في المردودية. كل هذه العوامل جعلت المسؤولين في تلك الفترة يرون أن الحل الوحيد يكمن في إجراء إصلاح اقتصادي يسمح للمؤسسة من تسيير وضعيتها والتخلص من العقبات التي أعاقت سيرها، وفي هذا السياق تجسدت فكرة استقلالية المؤسسات من خلال القانون التوجيهي للمؤسسات الوطنية والذي صدر بشأنه مرسوم 88-01 في 12/01/1988 المتعلق باستقلالية المؤسسات.
مفهوم الاستقلالية ومجالات تطبيقها
نستطيع تلخيص مفهوم الاستقلالية في منح المؤسسات مزيداً من المبادرة في إطار العمل على التجسيد الفعلي للامركزية من خلال إعادة القانون الأساسي للمؤسسة الذي يجعلها تأخذ فردية المبادرة والتسيير من أجل استغلال طاقاتها الذاتية، كما تتيح الاستقلالية إمكانية التعاقد بحرية وفق القانون التجاري، لا سيما وأن المؤسسة أخذت شكلا آخر في تعريفها فأصبحت حسب القانون الخاص شخصية معنوية (شركات أسهم وشركات مسؤولية محدودة) مسؤولة عن نشاطها تخضع لمبادئ الربحية. ويمكن عرض المجالات التي تطبق فيها الاستقلالية كما يلي:
أ- الاستقلالية في اتخاذ القرارات: فبعدما كان اتخاذ القرارات مخول للوزارة الوصية أو السلطة جاء هذا المرسوم ليضع المؤسسة العمومية الاقتصادية مسؤولة عن كل قرار تتخذه. وذلك يتجلى في:
- حرية التصرف للمؤسسة في موجوداتها وفق علاقاتها التعاقدية.
- قرارات الاستثمار تكون تحت تصرف المؤسسة وما يخدم مصلحتها (الرفع من معدلات مردودية الاستثمار).
- حرية تحديد السعر وفق تكلفة الانتاج وهو يعتبر تكريس لتطبيق اللامركزية.
- تحديد أساليب المكافأة وشروط التشغيل بإصدار قانون رقم (90/11) المؤرخ في 21/05/1990 المتعلق بشروط التوظيف.
ب- التحكم في الأمور المالية: وهذا النوع من الاستقلالية يتطلب الكفاءة في التسيير وتجعل المسير دائما يحمل على عاتقه المسؤولية الكاملة لعملية التمويل والتحكم في تكاليف الانتاج بأكبر قدر ممكن، لأن ذلك يضمن تحقيق مستوى معين من الأرباح لتستعمله المؤسسة في إعادة الإنتاج (التمويل الذاتي)، وكذلك يسمح بضمان حق المقرضين ضد الأخطار المالية التي تنتج عن العجز المالي.
ج- المراقبة وتقييم الأداء: إن أحد أوجه تحقيق اللامركزية في القرار هو مراقبة تنفيذ القرارات المتخذة والأهداف المقررة من طرف المؤسسة وبالتالي فالضرورة تلزم إقامة رقابة صارمة ومنظمة تتم في الوقت المناسب، وهذا يجعل عملية الإنتاج تتم بفعالية وبشكل أحسن على الدوام. وتهدف الرقابة إلى:
- التأكد من تنفيذ المهام والتي ينبغي إتمامها.
- معرفة مواطن الخلل والنجاح على مستوى الوظائف.
- التأكد من معرفة الأخطاء في الوقت المناسب واكتشاف النقائص...إلخ.
أسباب وشروط المرور إلى الاستقلالية:
1- الأسباب: ونقسم هذه الأسباب إلى:
أ- الأسباب الاقتصادية: وهي كثيرة ونذكر من أهمها:
- المشاكل الناجمة عن الإخفاق في تطبيق إعادة الهيكلة.
- سوء توزيع الموارد.
- التدخل الكبير للدولة في جميع الأمور الخاصة بالمؤسسة بتقييد المؤسسة الاقتصادية من خلال احتكار عملية اتخاذ القرارات.
- سوء الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية.
ب- الأسباب السياسية والقانونية: ونذكر من أهمها:
أحداث أكتوبر 1988 والتي تعبر عن حالة أزمة سياسية تمثلت في إنفجار شعبي بشعارات تندد ببيروقراطية الإدارة وسلوكات بعض المسؤولين ذوي النفوذ وكذلك نقص الطلب على اليد العاملة وارتفاع البطالة، وهذه الأحداث أدت إلى تسارع كبير في الإصلاحات الاقتصادية بعدما كانت بطيئة السير لوجود معارضة داخلية ترفض التغيير للحفاظ على مصالحها اللاشرعية المحصل عليها في النظام السابق. وكان جوهر هذا الإصلاح يتمثل في:
- التغيير الجذري في هيكل الحكم عن طريق توزيع جديد لوظائف الأجهزة التنفيذية والمراقبة في التسيير الجديد.
- إعفاء الدولة عن تحمل كل شيء وجعلها تقتصر على الوظائف الكلاسيكية التي تقوم بها أي دولة في البلدان ذات اقتصاد السوق.
- ظهور شعار جديد يتمثل في الدخول إلى اقتصاد السوق وفتح الطريق أمام المبادرة الفردية.
د- الأسباب الإجتماعية: منها مشكل تفشي البطالة وسط الشباب القادرين على العمل والعجز المتفاقم للسكن الاجتماعي بالمدن والندرة في تموين السوق بالمواد حتى الضرورية والقدرة الشرائية المنخفضة لأفراد المجتمع...إلخ.
كما أن بروز طبقة الأغنياء المؤثرة على مراكز القرار جعل نوع من الغموض يحوم حول المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤسسة الاقتصادية التي لم تصبح قادرة على تحمل عبء الاقتصاد. وبذلك أصبح من غير المنطقي المواصلة في ضخ الأموال لتغطية عجزها بنفس الهياكل والمسيرين. وبالتالي البحث عن هيكل جديد ومسيرين جدد بذهنيات جديدة قابلة للتأقلم مع المحيط أصبحت ضرورية.
2- شروط المرور إلى الاستقلالية:
في إطار القوانين (88-01 إلى 88-06) لسنة 1988 التي تحدد مقاييس المرور إلى الاستقلالية، حيث تم تصنيف المؤسسة على أساس رأس المال العامل والحالة الصافية، فهناك 4 أصناف للمؤسسات. فالمؤسسات التي لها حالة صافية موجبة تمر مباشرة (تنتقل إلى الاستقلالية). أما الحالتين الأخرتين (ر.م عامل موجب وحالة غير صافية، ر.م عامل سالب وحالة غير صافية) فتحتاجان إلى إجراءات تطهيرية لتحسين وضعيتهما تحضيراً لدخولهما في هذا الإصلاح.
أهداف ومجالات تعميق الاستقلالية:
1- الأهداف: عملية الاستقلالية ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما هي تجربة تهدف إلى البحث عن فعالية أحسن للجهاز الاقتصادي ولتحقيق هذا التصحيح المنظم والمستمر يجب العمل على:
- إعادة الاعتبار للمؤسسة بتحديد أهميتها وشخصيتها وإعطائها الحق في إدارة أعمالها بنفسها لتفرض مكانها في السوق وفق أساليب تسييرية حديثة وخصوصاً لمواردها البشرية، بتشجيع روح المبادرة والطموح. فيجب إذن على المؤسسة إقامة الدليل على مردوديتها وقدرتها على التنافس بفضل سياسة التقليل من التكلفة ومراعاة الجودة في الأسواق الداخلية والخارجية.
2- مجالات تعميق الاستقلالية: فتطهير وإصلاح المؤسسة ومحيطها خلال فترة إعادة الهيكلة عموماً (العضوية والمالية) كان يجب تعميقه وفق الاستقلالية في المجالات التالية:
أ- التخطيط والتسيير: بتحديد ديمقراطية ولا مركزية في التخطيط عن طريق التقليل من تدخلات المركز (قانون 88/02) المؤرخ في 12/01/1988، وهو ما يحرر المؤسسات من التدخل المباشر لأجهزة الدولة في التسيير والمتمثل في مجرد تعليمات إدارية لا تقيم أدنى حساب لربحية المؤسسة.
ب- التمويل: بخلق نظام جديد للعلاقات بين المؤسسة والبنك قائم على تجسيد الفعالية في الاستثمارات وتكييف إجراءات توظيف المؤسسة وتحسين أكثر للخدمات وبالتالي تمكين المؤسسة من الحصول على الأموال بصفة منتظمة.
ج- تحرير نظام تحديد الأسعار: وفق القانون 89-12 المؤرخ في 5 جويلية 1989 المتعلق بالأسعار والذي أقام نظاماً جديداً يقوم على مقياس حساب تكاليف الإنتاج وحالة العرض والطلب والمنافسة الاقتصادية، وقسم الأسعار إلى 3 فئات:
- أسعر حرة.
- أسعار ذات هوامش مراقبة (يمكن تغييرها بعد أخذ رخصة من السلطات المعنية).
- أسعار مراقبة: تحددها السلطات المعنية (السكر، الحليب...إلخ.).
د- تحرير نظام تحديد الأجور: باعتماد البرلمان الجزائري سنة 1990 مادة تسمح بتحديد الأجور على أساس التفاوض ضمن معطيات اقتصادية وحسب مردود العمل. عكس ما كان معروف وفق القانون العام للعمل (SGT) منذ 1978 الذي كان ينص على المساواة في الأجور لصالح فئات عمل متساوية.
ه- تحرير التجارة الخارجية: يهدف إلى وضع الإنتاج الوطني في المنافسة الخارجية لدفع المنتجين على زيادة الكفاءة في استخدام وسائل الانتاج وتخفيض التكاليف مع رفع جودة المنتجات وبالتالي الحصول على حصص في الأسواق العالمية. من دون أن ننسى أيضاً إمكانية الاستفادة من بعض المنتجات والتجهيزات المستوردة والقليلة التكلفة بالنسبة لتلك المصنوعة في الجزائر.
خلاصة الاستقلالية: ويمكن أن نقول كخلاصة أن دخول المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية عهد هذه الاصلاحات لا يعني تحولاً جذرياً وجديداً لنمط التسيير وهذا لعدة عوامل:
- التركيز على الجانب القانوني أكثر من التركيز الاقتصادي والمالي.
- بقاء نفس العقلية المسيرة قبل وبعد تطبيق الاستقلالية، وهذا لن يسمح بالتجسيد الفعلي لهذا الإصلاح (المسيرون عينوا بقرار من السلطات وهم مستهلكون لقرارات السلطات ومطبقون لها فلا يستطيعون الخروج عن هذا الطريق)...إلى غير ذلك من العوامل.
إن الاستقلالية لم ترسوا على قواعد ثابتة وآليات تحكمها بشكل دقيق نتيجة الرؤى والطروحات المتباينة بين مؤيد ومعارض للقطاع العام، ولم تسمح إستقلالية التسيير من تصحيح وضعية المؤسسات المالية، بل وصل الحد إلى تراكم الاختلالات المالية والدليل على ذلك الديون الضخمة المسجلة سنة 1992 حيث بلغ الدين الإجمالي أكثر من 370 مليار دينار تنقسم بين 210 مليار إزاء BAD و 160 مليار للبنوك التجارية. من خلال ذلك يمكن القول أن الإصلاحات السابقة لم تحقق الأهداف المحققة من طرف السلطات، لأن تداول هذه العمليات كان يتم دوماً في إطار اقتصاد مركزي مراقب من طرف الدولة.
لكل هذه الأسباب أخذت السلطة تفكر جدياً في البحث عن البديل لتفادي المشاكل التي وقعت فيها في السابق، ومن هنا بدأت التمهيدات لإدخال المؤسسات العمومية ضمن اقتصاد مفتوح على العالم فبدأ التحضير لاقتصاد السوق عن طريق:
- تغيير القوانين السابقة وترك الأسعار تتحدد عن طريق العرض والطلب تدريجياً.
- التخلي عن النظام الاشتراكي بالتخلي عن أملاك الدولة لصالح المواطنين.
إصدار بعض القوانين المهمة التي تحد مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية والاجتماعية (السكن، الصحة، النقل...) وذلك بفتح المجال على القطاع
إعادة الهيكلة بنوعيها العضوي والمالي لم يكن له التأثير المرجو، فبقي ضغط المديونية الخارجية والتدهور الكبير في المردودية. كل هذه العوامل جعلت المسؤولين في تلك الفترة يرون أن الحل الوحيد يكمن في إجراء إصلاح اقتصادي يسمح للمؤسسة من تسيير وضعيتها والتخلص من العقبات التي أعاقت سيرها، وفي هذا السياق تجسدت فكرة استقلالية المؤسسات من خلال القانون التوجيهي للمؤسسات الوطنية والذي صدر بشأنه مرسوم 88-01 في 12/01/1988 المتعلق باستقلالية المؤسسات.
مفهوم الاستقلالية ومجالات تطبيقها
نستطيع تلخيص مفهوم الاستقلالية في منح المؤسسات مزيداً من المبادرة في إطار العمل على التجسيد الفعلي للامركزية من خلال إعادة القانون الأساسي للمؤسسة الذي يجعلها تأخذ فردية المبادرة والتسيير من أجل استغلال طاقاتها الذاتية، كما تتيح الاستقلالية إمكانية التعاقد بحرية وفق القانون التجاري، لا سيما وأن المؤسسة أخذت شكلا آخر في تعريفها فأصبحت حسب القانون الخاص شخصية معنوية (شركات أسهم وشركات مسؤولية محدودة) مسؤولة عن نشاطها تخضع لمبادئ الربحية. ويمكن عرض المجالات التي تطبق فيها الاستقلالية كما يلي:
أ- الاستقلالية في اتخاذ القرارات: فبعدما كان اتخاذ القرارات مخول للوزارة الوصية أو السلطة جاء هذا المرسوم ليضع المؤسسة العمومية الاقتصادية مسؤولة عن كل قرار تتخذه. وذلك يتجلى في:
- حرية التصرف للمؤسسة في موجوداتها وفق علاقاتها التعاقدية.
- قرارات الاستثمار تكون تحت تصرف المؤسسة وما يخدم مصلحتها (الرفع من معدلات مردودية الاستثمار).
- حرية تحديد السعر وفق تكلفة الانتاج وهو يعتبر تكريس لتطبيق اللامركزية.
- تحديد أساليب المكافأة وشروط التشغيل بإصدار قانون رقم (90/11) المؤرخ في 21/05/1990 المتعلق بشروط التوظيف.
ب- التحكم في الأمور المالية: وهذا النوع من الاستقلالية يتطلب الكفاءة في التسيير وتجعل المسير دائما يحمل على عاتقه المسؤولية الكاملة لعملية التمويل والتحكم في تكاليف الانتاج بأكبر قدر ممكن، لأن ذلك يضمن تحقيق مستوى معين من الأرباح لتستعمله المؤسسة في إعادة الإنتاج (التمويل الذاتي)، وكذلك يسمح بضمان حق المقرضين ضد الأخطار المالية التي تنتج عن العجز المالي.
ج- المراقبة وتقييم الأداء: إن أحد أوجه تحقيق اللامركزية في القرار هو مراقبة تنفيذ القرارات المتخذة والأهداف المقررة من طرف المؤسسة وبالتالي فالضرورة تلزم إقامة رقابة صارمة ومنظمة تتم في الوقت المناسب، وهذا يجعل عملية الإنتاج تتم بفعالية وبشكل أحسن على الدوام. وتهدف الرقابة إلى:
- التأكد من تنفيذ المهام والتي ينبغي إتمامها.
- معرفة مواطن الخلل والنجاح على مستوى الوظائف.
- التأكد من معرفة الأخطاء في الوقت المناسب واكتشاف النقائص...إلخ.
أسباب وشروط المرور إلى الاستقلالية:
1- الأسباب: ونقسم هذه الأسباب إلى:
أ- الأسباب الاقتصادية: وهي كثيرة ونذكر من أهمها:
- المشاكل الناجمة عن الإخفاق في تطبيق إعادة الهيكلة.
- سوء توزيع الموارد.
- التدخل الكبير للدولة في جميع الأمور الخاصة بالمؤسسة بتقييد المؤسسة الاقتصادية من خلال احتكار عملية اتخاذ القرارات.
- سوء الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية.
ب- الأسباب السياسية والقانونية: ونذكر من أهمها:
أحداث أكتوبر 1988 والتي تعبر عن حالة أزمة سياسية تمثلت في إنفجار شعبي بشعارات تندد ببيروقراطية الإدارة وسلوكات بعض المسؤولين ذوي النفوذ وكذلك نقص الطلب على اليد العاملة وارتفاع البطالة، وهذه الأحداث أدت إلى تسارع كبير في الإصلاحات الاقتصادية بعدما كانت بطيئة السير لوجود معارضة داخلية ترفض التغيير للحفاظ على مصالحها اللاشرعية المحصل عليها في النظام السابق. وكان جوهر هذا الإصلاح يتمثل في:
- التغيير الجذري في هيكل الحكم عن طريق توزيع جديد لوظائف الأجهزة التنفيذية والمراقبة في التسيير الجديد.
- إعفاء الدولة عن تحمل كل شيء وجعلها تقتصر على الوظائف الكلاسيكية التي تقوم بها أي دولة في البلدان ذات اقتصاد السوق.
- ظهور شعار جديد يتمثل في الدخول إلى اقتصاد السوق وفتح الطريق أمام المبادرة الفردية.
د- الأسباب الإجتماعية: منها مشكل تفشي البطالة وسط الشباب القادرين على العمل والعجز المتفاقم للسكن الاجتماعي بالمدن والندرة في تموين السوق بالمواد حتى الضرورية والقدرة الشرائية المنخفضة لأفراد المجتمع...إلخ.
كما أن بروز طبقة الأغنياء المؤثرة على مراكز القرار جعل نوع من الغموض يحوم حول المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤسسة الاقتصادية التي لم تصبح قادرة على تحمل عبء الاقتصاد. وبذلك أصبح من غير المنطقي المواصلة في ضخ الأموال لتغطية عجزها بنفس الهياكل والمسيرين. وبالتالي البحث عن هيكل جديد ومسيرين جدد بذهنيات جديدة قابلة للتأقلم مع المحيط أصبحت ضرورية.
2- شروط المرور إلى الاستقلالية:
في إطار القوانين (88-01 إلى 88-06) لسنة 1988 التي تحدد مقاييس المرور إلى الاستقلالية، حيث تم تصنيف المؤسسة على أساس رأس المال العامل والحالة الصافية، فهناك 4 أصناف للمؤسسات. فالمؤسسات التي لها حالة صافية موجبة تمر مباشرة (تنتقل إلى الاستقلالية). أما الحالتين الأخرتين (ر.م عامل موجب وحالة غير صافية، ر.م عامل سالب وحالة غير صافية) فتحتاجان إلى إجراءات تطهيرية لتحسين وضعيتهما تحضيراً لدخولهما في هذا الإصلاح.
أهداف ومجالات تعميق الاستقلالية:
1- الأهداف: عملية الاستقلالية ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما هي تجربة تهدف إلى البحث عن فعالية أحسن للجهاز الاقتصادي ولتحقيق هذا التصحيح المنظم والمستمر يجب العمل على:
- إعادة الاعتبار للمؤسسة بتحديد أهميتها وشخصيتها وإعطائها الحق في إدارة أعمالها بنفسها لتفرض مكانها في السوق وفق أساليب تسييرية حديثة وخصوصاً لمواردها البشرية، بتشجيع روح المبادرة والطموح. فيجب إذن على المؤسسة إقامة الدليل على مردوديتها وقدرتها على التنافس بفضل سياسة التقليل من التكلفة ومراعاة الجودة في الأسواق الداخلية والخارجية.
2- مجالات تعميق الاستقلالية: فتطهير وإصلاح المؤسسة ومحيطها خلال فترة إعادة الهيكلة عموماً (العضوية والمالية) كان يجب تعميقه وفق الاستقلالية في المجالات التالية:
أ- التخطيط والتسيير: بتحديد ديمقراطية ولا مركزية في التخطيط عن طريق التقليل من تدخلات المركز (قانون 88/02) المؤرخ في 12/01/1988، وهو ما يحرر المؤسسات من التدخل المباشر لأجهزة الدولة في التسيير والمتمثل في مجرد تعليمات إدارية لا تقيم أدنى حساب لربحية المؤسسة.
ب- التمويل: بخلق نظام جديد للعلاقات بين المؤسسة والبنك قائم على تجسيد الفعالية في الاستثمارات وتكييف إجراءات توظيف المؤسسة وتحسين أكثر للخدمات وبالتالي تمكين المؤسسة من الحصول على الأموال بصفة منتظمة.
ج- تحرير نظام تحديد الأسعار: وفق القانون 89-12 المؤرخ في 5 جويلية 1989 المتعلق بالأسعار والذي أقام نظاماً جديداً يقوم على مقياس حساب تكاليف الإنتاج وحالة العرض والطلب والمنافسة الاقتصادية، وقسم الأسعار إلى 3 فئات:
- أسعر حرة.
- أسعار ذات هوامش مراقبة (يمكن تغييرها بعد أخذ رخصة من السلطات المعنية).
- أسعار مراقبة: تحددها السلطات المعنية (السكر، الحليب...إلخ.).
د- تحرير نظام تحديد الأجور: باعتماد البرلمان الجزائري سنة 1990 مادة تسمح بتحديد الأجور على أساس التفاوض ضمن معطيات اقتصادية وحسب مردود العمل. عكس ما كان معروف وفق القانون العام للعمل (SGT) منذ 1978 الذي كان ينص على المساواة في الأجور لصالح فئات عمل متساوية.
ه- تحرير التجارة الخارجية: يهدف إلى وضع الإنتاج الوطني في المنافسة الخارجية لدفع المنتجين على زيادة الكفاءة في استخدام وسائل الانتاج وتخفيض التكاليف مع رفع جودة المنتجات وبالتالي الحصول على حصص في الأسواق العالمية. من دون أن ننسى أيضاً إمكانية الاستفادة من بعض المنتجات والتجهيزات المستوردة والقليلة التكلفة بالنسبة لتلك المصنوعة في الجزائر.
خلاصة الاستقلالية: ويمكن أن نقول كخلاصة أن دخول المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية عهد هذه الاصلاحات لا يعني تحولاً جذرياً وجديداً لنمط التسيير وهذا لعدة عوامل:
- التركيز على الجانب القانوني أكثر من التركيز الاقتصادي والمالي.
- بقاء نفس العقلية المسيرة قبل وبعد تطبيق الاستقلالية، وهذا لن يسمح بالتجسيد الفعلي لهذا الإصلاح (المسيرون عينوا بقرار من السلطات وهم مستهلكون لقرارات السلطات ومطبقون لها فلا يستطيعون الخروج عن هذا الطريق)...إلى غير ذلك من العوامل.
إن الاستقلالية لم ترسوا على قواعد ثابتة وآليات تحكمها بشكل دقيق نتيجة الرؤى والطروحات المتباينة بين مؤيد ومعارض للقطاع العام، ولم تسمح إستقلالية التسيير من تصحيح وضعية المؤسسات المالية، بل وصل الحد إلى تراكم الاختلالات المالية والدليل على ذلك الديون الضخمة المسجلة سنة 1992 حيث بلغ الدين الإجمالي أكثر من 370 مليار دينار تنقسم بين 210 مليار إزاء BAD و 160 مليار للبنوك التجارية. من خلال ذلك يمكن القول أن الإصلاحات السابقة لم تحقق الأهداف المحققة من طرف السلطات، لأن تداول هذه العمليات كان يتم دوماً في إطار اقتصاد مركزي مراقب من طرف الدولة.
لكل هذه الأسباب أخذت السلطة تفكر جدياً في البحث عن البديل لتفادي المشاكل التي وقعت فيها في السابق، ومن هنا بدأت التمهيدات لإدخال المؤسسات العمومية ضمن اقتصاد مفتوح على العالم فبدأ التحضير لاقتصاد السوق عن طريق:
- تغيير القوانين السابقة وترك الأسعار تتحدد عن طريق العرض والطلب تدريجياً.
- التخلي عن النظام الاشتراكي بالتخلي عن أملاك الدولة لصالح المواطنين.
إصدار بعض القوانين المهمة التي تحد مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية والاجتماعية (السكن، الصحة، النقل...) وذلك بفتح المجال على القطاع
- أويحيى يأمر بتوظيف أعوان الحرس البلدي لحراسة المؤسسات العمومية
- صدور المراسيم التنفيذية : المحددة لمهام وزير النقل و الأشغال العمومية -تنظيم الإدارة المركزية لوزارة النقل و الاشغال العمومية-تنظيم المفتشية العامة لوزارة النقل
- رجل الأعمال متيجي مندوب منتدى المؤسسات بمستغانم
- تعليمة وزارية لتفتيش مختلف المؤسسات التربوية
- إضراب عام يهدد بشل المؤسسات التعليمية بعد الخامس أكتوبر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى