- rababعضو خبير متطور
- عدد الرسائل : 1096
الأوسمة :
البلد :
نقاط : 367
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/06/2008
أقسام الناس في الطيرة
الخميس 17 يوليو 2008, 17:33
أقسام الناس في الطيرة :
الأول : من يتطير ويستجيب لداعي التطير ويترك ما همَّ بفعله أو يفعله بدافع التطير فهذا قد وقع في المحرم وولج باب الشرك كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى للأدلة السابقة.
الثاني : مَن إذا وقع ما يدعو إلى الطيرة عند الناس لم يترك ما بدا له فعله ولكنه يمضي في قلق ويخشى من تأثير الطيرة. فهذا أهون من الأول حيث لم يُجب داعي الطيرة لكن بقي فيه شيء من أثرها والواجب عليه أن يمضي متوكلا على الله تعالى لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ . وقد تقدم تخريجه قريبا.
الثالث : مَن لا يتطير ولا يستجيب لداعي التطير : فهؤلاء أفضل الأقسام وأكملهم وأرفعهم درجة عند الله تعالى فعن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قالوا من هُمْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال ( هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ولا يَتَطَيَّرُونَ ولا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه البخاري (5378) ومسلم ( 218) واللفظ له.
صور مما يتشاءم الناس به :
بعض الناس يتشاءم برؤية الأعور فقد خرج أحد الولاة لبعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطير به وأمر به إلى الحبس فلما رجع أمر بإطلاقه , فقال : سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله ؟ فقال : تطيرت بك. فقال : فما أصبت في يومك برؤيتي ؟ فقال : لم ألق إلا خيرا . فقال : أيها الأمير أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت الخير والسرور فمن أشأمنا ؟ والطيرة بمن كانت؟ فاستحيا منه الوالي ووصله. مفتاح دار السعادة 3/272.
وآخرون يتشاءمون بيوم الأربعاء أو بشهر شوال عن عَائِشَةَ قالت تَزَوَّجَنِي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في شَوَّالٍ وَبَنَى بِي في شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان أَحْظَى عِنْدَهُ منى قال وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا في شَوَّالٍ. رواه مسلم (1423).
قال النووي رحمه الله تعالى : " فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال وقد نص أصحابنا على استحبابه واستدلوا بهذا الحديث وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الأشالة والرفع " ا.هـ شرح النووي على صحيح مسلم 9/209.
وقال القاري رحمه الله تعالى : " قيل إنما قالت هذا رداً على أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يرون يمناً في التزوّج والعرس في أشهر الحج وقيل لأنها سمعت بعض الناس يتطيرون ببناء الرجل على أهله في شوّال لتوّهم اشتقاق شوال من أشال بمعنى أزال فحكت ما حكت رداً لذلك وأزاحه للوهم وفي شرح النقاية لأبى المكارم كره بعض الروافض النكاح بين العيدين، وقال السيوطي في حاشيته على مسلم : روى ابن سعد في طبقاته عن أبى حاتم قال إنما كره الناس أن يتزوّجوا في شوال الطاعون وقع في الزمن الأوّل " ا.هـ مرقاة المفاتيح 6/276.
الرافضة يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة. منهاج السنة النبوية 1/38.
وآخرون يتشاءمون بشهر صفر وقابلهم آخرون فصاروا يسمونه صفر الخير وذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن هذا من باب مداواة البدعة بالبدعة والجهل بالجهل فهو ليس شهر خير ولا شهر شر .
وآخرون إذا سافر مثلا أو خرج إلى عمل ما وتلف أحد إطارات سيارته في الطريق يترك السفر ويرجع إلى أهله تشاؤما بما حصل.
وآخرون يتشاءمون ببعض منازل القمر والأبراج وهذا منتشر وتتبناه كثير من المجلات قال ابن عبد الحكم : خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة والقمر في الدبران فكرهت أن أخرج به فقلت : ما أحسن استواء القمر في هذه الليلة فنظر فقال كأنك أردت أن تخبرني أن القمر في الدبران إنا لا نخرج بشمس ولا بقمر ولكنا نخرج بالله الواحد القهار . أبجد العلوم 2/368.
وآخرون يتشاءمون ببعض الحيوانات أو ببعض حركاتها عن زياد بن أبي مريم قال : خرج سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سفر قال فأقبلت الظباء نحوه حتى إذا دنت منه رجعت فقال له رجل : أيها الأمير ارجع. فقال له سعد : أخبرني من أيها تطيرت أمن قرونها حين أقبلت أم من أذنابها حين أدبرت ثم قال سعد عند ذلك : إن الطيرة لشعبة من الشرك. رواه ابن أبي شيبة (26399) وعبد الرزاق (19506) وابن عبد البر في التمهيد 24/193.
وكذا آخرون يتشاءمون برؤية بعض الطيور كالغربان والبومة وغيرها عن عكرمة أنه قال : كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضي الله عنهم ومر غراب يصيح فقال رجل من القوم : خير خير. فقال ابن عباس : لا خير ولا شر. التمهيد 24/ 194 فتح الباري 10/215.
وآخرون قد يتشاءمون ببعض الآيات بحيث يقوم بفتح المصحف للتفاؤل فإذا رأى ذكر النار تشاءم وإذا رأى ذكر الجنة تفاءل قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : " وهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام " ا.هـ القول المفيد 1/86.
تشاؤم بعض الناس بمن يشبك أصابعه أو يكسر عودا في مجلس عقد النكاح وهذا مما لا أصل له شرعا.
وهناك من يتشبه بالمتشائمين فمثلا لو رأى رجلا أو شيئا لم يعجبه قال : خير يا طير. وهذا وإن لم يُرد معناها ولكنها من بقايا الجاهلية لذا ينبغي مجاهدة النفس على ترك تلك الكلمة.
علاج الطيرة وكفارتها :
أولا : التوكل على الله تعالى وعدم الالتفات إليها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ .وتقدم تخريجه.
ثانيا : أن يلح في دعائه الله تعالى أن يجنبه شرها فإن وقع فيها قال الدعاء الوارد في حديث عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ ) قالوا : يا رَسُولَ اللَّهِ ما كَفَّارَةُ ذلك ؟ قال ( أن يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللهم لاَ خَيْرَ إلا خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إلا طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ ) رواه أحمد(7045 ). قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى " ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التطير وقال لا طيرة وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يتطيرون فنهاهم عن ذلك وأمرهم بالتوكل على الله لأنه لا شيء في حكمه إلا ما شاء ولا يعلم الغيب غيره " ا.هـ التمهيد 24/195 وقال المناوي رحمه الله تعالى : " فينبغي لمن طرقته الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي في حاجته متوكلا عليه " ا.هـ فيض القدير 6/136.
ثالثا : أن يرد الطيرة متى ما وردت عليه ولا يستجيب لداعيها فعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال : ذُكِرتِ الطِيرةُ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( أحْسَنُها الفألُ ولا تردَّ مسلماً فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهمَّ لا يأتي بالحسناتِ إِلا أنتَ ولا يدفعُ السيِّئاتِ إِلا أنت ولا حولَ ولا قوَّةَ إِلا بالله ) رواه أبو داود (3919) والبيهقي 18/139. قال النووي " أبو داود بإسناد صحيح " ا.هـ رياض الصالحين /494.
الرابع : أن لا يتشبه بالمتطيرين ويأتي بأفعالهم.
عن أُمِّ كُرْزٍ رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أَقِرُّوا الطَّيْرَ على مَكِنَاتِهَا ) رواه أحمد(27183) وأبو داود (2835) وصححه الحاكم 4/265 وابن حبان (6126)، وقال ابن حبان " قوله صلى الله عليه وسلم ( أقروا الطير على مكناتها) لفظة أمر مقرونة بترك ضده وهو أن لا ينفروا الطيور عن مكناتها، والقصد من هذا الزجر عن شيء ثالث وهو أن العرب كانت إذا أرادت أمرا جاءت إلى وكر الطير فنفرته فإن تيامن مضت للأمر الذي عزمت عليه وإن تياسر أغضت عنه وتشاءمت به فزجرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمال هذا الفعل بقوله اقروا الطير على مكناتها " ا.هـ مرقاة المفاتيح 8/76 فيض القدير 2/70 عون المعبود 10/29 غريب الحديث لابن الجوزي 2/369.
وقال ابن جرير رحمه الله تعالى " معنى الكلام حينئذ أقروا الطير التي تزجرونها في مواضعها المتمكنة فيها التي هي بها مستقرة وامضوا لأموركم فإن زجركم إياها غير مجد عليكم نفعا ولا دافع عنكم ضرا " ا.هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب 1/204 غريب الحديث لأبي عبيد 2/138 النهاية في غريب الأثر 4/350.
الخامس : استحضار الأدلة الناهية عن التطير فلو كان فيه خير لما نهينا عنه بل كان عقلاء الجاهلية لا يفعلونه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : " وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه قال شاعر منهم:
ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم ** فإذا الأشائم كالأيا من والأيامن كالأشائم
وقال آخر :
الزجر والطير والكهان كلهم ** مضللون ودون الغيب أقفال
وقال آخر :
وما عاجلات الطير تدنى من الفتى ** نجاحا ولا عن ريثهن قصور
وقال آخر :
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ** ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وقال آخر :
تخير طيرة فيها زياد ** لتخبره وما فيها خبير
تعلم أنه لا طير إلا ** على متطير وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء ** أحايينا وباطله كثير
وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين " ا.هـ فتح الباري 10/213.
السادس : أن التطير يفتح باب الوسواس والهموم على المتطير قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وأما من كان معتنيا بالطيرة فهي أسرع إليه من السيل إلى منحدره قد فتحت له أبواب الوسواس فيما يسمعه ويراه ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة ما يفسد عليه دينه وينكر عليه معيشته " ا.هـ أبجد العلوم 2/368:
وقال رحمه الله تعالى : " المتطير مُتْعب القلب مُنكَّد الصدر كاسف البال سيء الخلق يتخيَّل من كل ما يراه أو يسمعه، أشد الناس خوفا، وأنكدهم عيشا وأضيق الناس صدرا، وأحزنهم قلبا، كثير الاحتراز والمراعاة لما يضره ولا ينفعه، وكم قد حرم نفسه بذلك من حظٍّ، ومنعها من رزق وقطع عليها من فائدة " ا.هـ مفتاح دار السعادة 3/273.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأول : من يتطير ويستجيب لداعي التطير ويترك ما همَّ بفعله أو يفعله بدافع التطير فهذا قد وقع في المحرم وولج باب الشرك كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى للأدلة السابقة.
الثاني : مَن إذا وقع ما يدعو إلى الطيرة عند الناس لم يترك ما بدا له فعله ولكنه يمضي في قلق ويخشى من تأثير الطيرة. فهذا أهون من الأول حيث لم يُجب داعي الطيرة لكن بقي فيه شيء من أثرها والواجب عليه أن يمضي متوكلا على الله تعالى لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ . وقد تقدم تخريجه قريبا.
الثالث : مَن لا يتطير ولا يستجيب لداعي التطير : فهؤلاء أفضل الأقسام وأكملهم وأرفعهم درجة عند الله تعالى فعن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قالوا من هُمْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال ( هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ولا يَتَطَيَّرُونَ ولا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه البخاري (5378) ومسلم ( 218) واللفظ له.
صور مما يتشاءم الناس به :
بعض الناس يتشاءم برؤية الأعور فقد خرج أحد الولاة لبعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطير به وأمر به إلى الحبس فلما رجع أمر بإطلاقه , فقال : سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله ؟ فقال : تطيرت بك. فقال : فما أصبت في يومك برؤيتي ؟ فقال : لم ألق إلا خيرا . فقال : أيها الأمير أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت الخير والسرور فمن أشأمنا ؟ والطيرة بمن كانت؟ فاستحيا منه الوالي ووصله. مفتاح دار السعادة 3/272.
وآخرون يتشاءمون بيوم الأربعاء أو بشهر شوال عن عَائِشَةَ قالت تَزَوَّجَنِي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في شَوَّالٍ وَبَنَى بِي في شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان أَحْظَى عِنْدَهُ منى قال وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا في شَوَّالٍ. رواه مسلم (1423).
قال النووي رحمه الله تعالى : " فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال وقد نص أصحابنا على استحبابه واستدلوا بهذا الحديث وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الأشالة والرفع " ا.هـ شرح النووي على صحيح مسلم 9/209.
وقال القاري رحمه الله تعالى : " قيل إنما قالت هذا رداً على أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يرون يمناً في التزوّج والعرس في أشهر الحج وقيل لأنها سمعت بعض الناس يتطيرون ببناء الرجل على أهله في شوّال لتوّهم اشتقاق شوال من أشال بمعنى أزال فحكت ما حكت رداً لذلك وأزاحه للوهم وفي شرح النقاية لأبى المكارم كره بعض الروافض النكاح بين العيدين، وقال السيوطي في حاشيته على مسلم : روى ابن سعد في طبقاته عن أبى حاتم قال إنما كره الناس أن يتزوّجوا في شوال الطاعون وقع في الزمن الأوّل " ا.هـ مرقاة المفاتيح 6/276.
الرافضة يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة. منهاج السنة النبوية 1/38.
وآخرون يتشاءمون بشهر صفر وقابلهم آخرون فصاروا يسمونه صفر الخير وذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن هذا من باب مداواة البدعة بالبدعة والجهل بالجهل فهو ليس شهر خير ولا شهر شر .
وآخرون إذا سافر مثلا أو خرج إلى عمل ما وتلف أحد إطارات سيارته في الطريق يترك السفر ويرجع إلى أهله تشاؤما بما حصل.
وآخرون يتشاءمون ببعض منازل القمر والأبراج وهذا منتشر وتتبناه كثير من المجلات قال ابن عبد الحكم : خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة والقمر في الدبران فكرهت أن أخرج به فقلت : ما أحسن استواء القمر في هذه الليلة فنظر فقال كأنك أردت أن تخبرني أن القمر في الدبران إنا لا نخرج بشمس ولا بقمر ولكنا نخرج بالله الواحد القهار . أبجد العلوم 2/368.
وآخرون يتشاءمون ببعض الحيوانات أو ببعض حركاتها عن زياد بن أبي مريم قال : خرج سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سفر قال فأقبلت الظباء نحوه حتى إذا دنت منه رجعت فقال له رجل : أيها الأمير ارجع. فقال له سعد : أخبرني من أيها تطيرت أمن قرونها حين أقبلت أم من أذنابها حين أدبرت ثم قال سعد عند ذلك : إن الطيرة لشعبة من الشرك. رواه ابن أبي شيبة (26399) وعبد الرزاق (19506) وابن عبد البر في التمهيد 24/193.
وكذا آخرون يتشاءمون برؤية بعض الطيور كالغربان والبومة وغيرها عن عكرمة أنه قال : كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضي الله عنهم ومر غراب يصيح فقال رجل من القوم : خير خير. فقال ابن عباس : لا خير ولا شر. التمهيد 24/ 194 فتح الباري 10/215.
وآخرون قد يتشاءمون ببعض الآيات بحيث يقوم بفتح المصحف للتفاؤل فإذا رأى ذكر النار تشاءم وإذا رأى ذكر الجنة تفاءل قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : " وهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام " ا.هـ القول المفيد 1/86.
تشاؤم بعض الناس بمن يشبك أصابعه أو يكسر عودا في مجلس عقد النكاح وهذا مما لا أصل له شرعا.
وهناك من يتشبه بالمتشائمين فمثلا لو رأى رجلا أو شيئا لم يعجبه قال : خير يا طير. وهذا وإن لم يُرد معناها ولكنها من بقايا الجاهلية لذا ينبغي مجاهدة النفس على ترك تلك الكلمة.
علاج الطيرة وكفارتها :
أولا : التوكل على الله تعالى وعدم الالتفات إليها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ .وتقدم تخريجه.
ثانيا : أن يلح في دعائه الله تعالى أن يجنبه شرها فإن وقع فيها قال الدعاء الوارد في حديث عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ ) قالوا : يا رَسُولَ اللَّهِ ما كَفَّارَةُ ذلك ؟ قال ( أن يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللهم لاَ خَيْرَ إلا خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إلا طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ ) رواه أحمد(7045 ). قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى " ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التطير وقال لا طيرة وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يتطيرون فنهاهم عن ذلك وأمرهم بالتوكل على الله لأنه لا شيء في حكمه إلا ما شاء ولا يعلم الغيب غيره " ا.هـ التمهيد 24/195 وقال المناوي رحمه الله تعالى : " فينبغي لمن طرقته الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي في حاجته متوكلا عليه " ا.هـ فيض القدير 6/136.
ثالثا : أن يرد الطيرة متى ما وردت عليه ولا يستجيب لداعيها فعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال : ذُكِرتِ الطِيرةُ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( أحْسَنُها الفألُ ولا تردَّ مسلماً فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهمَّ لا يأتي بالحسناتِ إِلا أنتَ ولا يدفعُ السيِّئاتِ إِلا أنت ولا حولَ ولا قوَّةَ إِلا بالله ) رواه أبو داود (3919) والبيهقي 18/139. قال النووي " أبو داود بإسناد صحيح " ا.هـ رياض الصالحين /494.
الرابع : أن لا يتشبه بالمتطيرين ويأتي بأفعالهم.
عن أُمِّ كُرْزٍ رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أَقِرُّوا الطَّيْرَ على مَكِنَاتِهَا ) رواه أحمد(27183) وأبو داود (2835) وصححه الحاكم 4/265 وابن حبان (6126)، وقال ابن حبان " قوله صلى الله عليه وسلم ( أقروا الطير على مكناتها) لفظة أمر مقرونة بترك ضده وهو أن لا ينفروا الطيور عن مكناتها، والقصد من هذا الزجر عن شيء ثالث وهو أن العرب كانت إذا أرادت أمرا جاءت إلى وكر الطير فنفرته فإن تيامن مضت للأمر الذي عزمت عليه وإن تياسر أغضت عنه وتشاءمت به فزجرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمال هذا الفعل بقوله اقروا الطير على مكناتها " ا.هـ مرقاة المفاتيح 8/76 فيض القدير 2/70 عون المعبود 10/29 غريب الحديث لابن الجوزي 2/369.
وقال ابن جرير رحمه الله تعالى " معنى الكلام حينئذ أقروا الطير التي تزجرونها في مواضعها المتمكنة فيها التي هي بها مستقرة وامضوا لأموركم فإن زجركم إياها غير مجد عليكم نفعا ولا دافع عنكم ضرا " ا.هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب 1/204 غريب الحديث لأبي عبيد 2/138 النهاية في غريب الأثر 4/350.
الخامس : استحضار الأدلة الناهية عن التطير فلو كان فيه خير لما نهينا عنه بل كان عقلاء الجاهلية لا يفعلونه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : " وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه قال شاعر منهم:
ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم ** فإذا الأشائم كالأيا من والأيامن كالأشائم
وقال آخر :
الزجر والطير والكهان كلهم ** مضللون ودون الغيب أقفال
وقال آخر :
وما عاجلات الطير تدنى من الفتى ** نجاحا ولا عن ريثهن قصور
وقال آخر :
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ** ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وقال آخر :
تخير طيرة فيها زياد ** لتخبره وما فيها خبير
تعلم أنه لا طير إلا ** على متطير وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء ** أحايينا وباطله كثير
وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين " ا.هـ فتح الباري 10/213.
السادس : أن التطير يفتح باب الوسواس والهموم على المتطير قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وأما من كان معتنيا بالطيرة فهي أسرع إليه من السيل إلى منحدره قد فتحت له أبواب الوسواس فيما يسمعه ويراه ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة ما يفسد عليه دينه وينكر عليه معيشته " ا.هـ أبجد العلوم 2/368:
وقال رحمه الله تعالى : " المتطير مُتْعب القلب مُنكَّد الصدر كاسف البال سيء الخلق يتخيَّل من كل ما يراه أو يسمعه، أشد الناس خوفا، وأنكدهم عيشا وأضيق الناس صدرا، وأحزنهم قلبا، كثير الاحتراز والمراعاة لما يضره ولا ينفعه، وكم قد حرم نفسه بذلك من حظٍّ، ومنعها من رزق وقطع عليها من فائدة " ا.هـ مفتاح دار السعادة 3/273.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى